الخميس، مارس 19، 2020

العزلة كدهشة.. بقلم رضا المريني



تُدْهشُني عُزلتي ....
فيها /
أكون أنا و لا أكون وحيدا ....
أفارق القريب و أحايث البعيد ....
أتعرّفُ ذاتي و غيري ، أكثر ....
و تمارس وحدانيتي اجْتماعيَتَها ، دون إكراه .

في خلوتي/
يغيب المُفكَّر فيه و يحضر اللاّمفكر فيه ....
تتوارى الأشياء و الكلمات ماوراء المعنى ....
فأجدني مُسْتغنيا عن /
الكلام المباح ، اللّغو، المجاملات ، الساعة ، التلفاز ، الهاتف ، الهندام ، المرآة ،
الجرائد الصفراء ، أخبار السّاسة و الحروب ....
كما لا أمْتَثِلُ ، خلالها ، لطقوس /
التقاليد ، الاحترام ، الانتظار ، الجنس ، النوم ، الصحو ، الأكل ، العمل ، الوقوف في 
الطابور ....
فلا سلطة لأناي الأعلى على أناي .

أثناء وحْدتي /
أمارس لذاتي المُضْمَرة و رغباتي الصّريحة / 
عَبْرَ /
القراءة و ليس أيّ قراءات ....
الكتابة حيث أقرأ صمتي بصوت عال ....
الانتشاء بالموسيقى التي تخلّصني من دَويّ أُذُنَيْ ....
و الإصغاء لأشعار ملقاة و هي تكشف أسرارها .

في هامشيتي /
أتسكّع بين الصمت و الكلمات ....
أنسى الأشياء و الأيام ....
أتعرّى / أمامي / من الزمن المُعاش و الأمكنة المكتظة / كي أراني ....
أتملّص من عادات شبيهي ....
ثم أمضي / يرافقني المختلف عنّي .

تدهشني عزلتي ، بالفعل ....
فهذا الأنا-وحدي ليس وحيدا ....
بل له شركاء ، كثر ، في وحدته /
الغرباء ، المهاجرون ، الثكالى ، اليتامى ، الأرامل ، المظاليم ، ، الطوباويون ،
المعتكفون ، الزهاد ، المجانين ، السكارى، الصعاليك ، العاهرات ، الحشاشون ، العشاق 
السبايا ، السجناء ، القراء ، الكتاب ، العلماء ، المبدعون ، المقاومون ، المرضى ،
المُحتضرون ، الموتى ....
فطوبى لعزلة هؤلاء و غيرهم /
في فردانيتهم ، حميميتهم ، صمتهم ، ألمهم ، غضبهم ، تسامحهم ، إبداعهم ، مناجاتهم ، 
محنتهم ...
فعزلتهم كالفريدة دُرَرٌ و كالفُرْدود كواكبُ خلف الثريا .

ليست هناك تعليقات: