بحضنِ جبلٍ
كانت المدينة
وكانت نيفين
بضةٌ ببضاءَ ناعمة كقطعة رخام
وكما التينة النافرة البراعم والأوراق
كبرت نيفين
شعرها
نهداها
وركاها
كل مافيها كالبراعم في لجة الربيع
يثأر ينمو ويكبر....
عشقت نيفين
لكن لاتراه، لاتلمسه، لاتبرق عيناها ولها، ولاتتورد وجنتاها فرحاً
بينهما أسوار البيت
لا تمرر سوى بعض نسيم
يرمم رئةً اعطبتها الآه
وتنام نيفين
محتضنةً عشقها البعيد
تتكور، تحيط تضاريسها الباردة
ببرودة الليل والوحدة والسرير
وتكبر نيفين تكبر تكبر
حتى عشرين عاماً
عشرون عاماً وهي تحتسي من نافذتها
كل فتيان الحي
كلما مروا كالمارقين فوق أفواه جوعها
كلما أحرقوا كالغزاة صوامع اشتهائها
تحتسيهم واحداً واحداً
إسماً إسماً
صوتاً صوتاً
طولاً طولاً
تحتسيهم ولاتثمل
ولاتطفئ عطشاً
وفي زاويةٍ من ببتها المزدحم بالعسس
تدخل نيفين عالمها الافتراضي
حبيبتي زواج سعيد
وتبعث قلبا أحمراً وابتسامة
صديقتي، غاليتي خطوبة مباركة
وتبعث قلباً أحمراً وابتسامة
عزيزتي طفلٌ جميل
مبارك المولود وسلامتك
وتبعث قلباً أحمراً وابتسامة
أصبعُها المنهكُ يمرر على جوالها
الى أعلى فأعلى فأعلى
ثم تتوقف
تتقد حسراتها كعيدان ثقاب
داكن ذقنه وما تخلل الأزرار من صدرهِ
داكن ليلها وحظها وثوب حزنها الذي ماإن غاب تجدد
وذات ليلة:
تظهر صورته مع رنة الجوال
يإلهي... أسعد
ترتعش
تغلق
يرن
تغلق
يرن
وبذات الارتعاشة تفتح
—حبيبتي
—أسعد أرجوك أنا خائفة
—حبيبتي لاتخافي
وعبر المسافة الشاهقة
تمتد أصابعه
يزيح السواد الجاثم منذ سنسن وسنين
كدودة شرهة يقضم طهر البياض
فيسيح البلل ليغمر المكان
وتتناثر هنا وهناك
الشهقات والتنهيدات والآهات
ثم تهدأ العاصفة
فيطفو حطامها وينحدر مع الموج
ويمضي أسعد
يمش ذكوريته بالجدار
ويضيف رقماً
لقائمة الفرائس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق